مهارات القيادة الإدارية: ضرورة أساسية لكل مُحترف اليوم

إذا كان كل موظف هو "مدير وكيل"، فالجميع بحاجة إلى مهارات إدارية

لعقود من الزمن، تعاملنا مع الإدارة كعلامة فارقة. كنتَ تحصل على ترقية، ثم ربما يعلمك شخص ما كيفية التفويض، وتقديم الملاحظات، وإدارة الأداء، ومواءمة المهام مع الاستراتيجية، والتعامل مع النزاعات.
كانت هذه مهارات قيادية. وكنا نوزعها بشكل انتقائي.

لكن الذكاء الاصطناعي قلب هذا الجدول الزمني رأسًا على عقب.

في اللحظة التي يبدأ فيها الموظف في العمل مع وكلاء الذكاء الاصطناعي، فإنه لا يقوم بالتنفيذ فحسب. بل هو يدير. إنه يكلف بالمهام، ويحدد التوقعات، ويراجع المخرجات، ويصحح المسار، ويقرر ما الذي يثق به وما الذي يتجاوزه.

في مؤشر اتجاهات العمل لعام 2025، قدمت Microsoft نموذجًا أصليًا جديدًا لعصر الذكاء الاصطناعي: المدير الوكيل (Agent Boss): الموظفون الذين لا يستخدمون الذكاء الاصطناعي فحسب، بل يقودونه أيضًا.

وهذا يغير كل ما نعرفه عن تطوير الموظفين. *ملاحظة: يشير مصطلح “مدير الوكيل” إلى الموظف الذي يدير مهام الذكاء الاصطناعي بفعالية.*

 

القيادة لم تعد ترقية—بل هي صلب العمل

لسنوات، علمنا المديرين الجدد كيفية قيادة الأفراد: كيفية توجيههم، وتحفيز الفرق، وحل النزاعات، وبناء الثقة. كانت هذه تعتبر مهارات متقدمة—شيئًا تكتسب الحق في تعلمه بعد الترقية.

ولكن اليوم، أي شخص يدير وكلاء الذكاء الاصطناعي (AI) يقوم بتلك الوظائف نفسها.
الفرق؟ أن “فريقه” لا يتكون من بشر. بل يتكون من تكنولوجيا.

ومع ذلك، تظل الأساسيات مألوفة بشكل لافت للنظر. فـ مهارات القيادة الفعالة ضرورية لتحقيق النجاح، سواء كنت تدير فريقًا من البشر أو مجموعة من الأنظمة الذكية.

 

التفويض كخبير في تصميم الأنظمة

يتعلم قائد الفريق كيفية تفويض العمل المناسب للشخص المناسب، مع الموازنة بين المهارة والقدرة والملكية، ثم مواءمة نشاط الفريق مع أهداف العمل.
يفعل مدير الذكاء الاصطناعي اليوم الشيء نفسه مع الأنظمة. يجب عليهم الآن السؤال: ما الذي يجب أتمتته، وما الذي يجب أن يظل بشريًا، وكيف يعمل الجانبان لتحقيق نفس الهدف؟ إنهم بحاجة إلى تعلم كيفية تقسيم العمل إلى مكونات، وتحديد المهام التي يمكن تفويضها إلى الذكاء الاصطناعي، وتوجيهها إلى الأدوات المناسبة، مع دمج النتائج في نتيجة نهائية. هذا يتطلب فهمًا عميقًا لأتمتة العمليات الآلية (RPA) وأفضل الممارسات في إدارة الذكاء الاصطناعي.

مثال: يستخدم مساعد تسويق يخطط لحملة أداة لإنشاء نسخة، وأخرى لتحليل بيانات الجمهور، وثالثة لتصميم العناصر المرئية. إنهم ينسقون بين الأدوات والبرامج المختلفة مثلما يفعل المدير الإبداعي مع فريق بشري.

 

التغذية الراجعة كمهارة في سير العمل

تم تدريب المديرين على إجراء مراجعات منتظمة وتقديم تغذية راجعة بناءة، ومساعدة الموظفين على التطور، وتعديل التوجهات عندما لا تتحقق النتائج المرجوة.
يقوم “المدراء الآليون” بذلك مع النماذج. إنهم يراقبون المخرجات في الوقت الفعلي، ويراجعون نتائج الذكاء الاصطناعي لضمان الجودة، ويكتشفون التناقضات، ويقومون بضبط سير العمل بدقة – إعادة صياغة المطالبات، أو تعديل المعلمات، أو اختيار أدوات أفضل عندما تقصر الأداة الأولى.

مثال: مسؤول التوظيف الذي يستخدم الذكاء الاصطناعي لفحص السير الذاتية لا يكتفي بقبول الترتيب. بل يلاحظ التناقضات، ويراجع النتائج السلبية الكاذبة، ويعدل المعايير، ويعيد تدريب النموذج ليعكس بشكل أفضل أولويات التوظيف. ملاحظة: تتضمن أولويات التوظيف الخبرة المطلوبة، المهارات الأساسية، والملاءمة الثقافية.

 

الثقة في الأداة – امتلاك النتيجة

تقليديًا، كان المديرون يبنون الثقة من خلال الوضوح والاتساق والمتابعة.
مع الذكاء الاصطناعي، تتغير معادلة الثقة: متى تثق في نموذج؟ متى تتجاوزه؟ كيف تبقى مسؤولاً عن النتائج التي لم تنتجها بالكامل؟
مثال: يستخدم مستشار مالي الذكاء الاصطناعي لصياغة سيناريوهات استثمارية ولكنه يراجع التوصيات ويخصصها يدويًا. الثقة ليست افتراضية – بل مُدارة.

ما كنا نحتفظ به سابقًا للمديرين أصبح الآن حقيقة يومية لأي شخص يعمل جنبًا إلى جنب مع الذكاء الاصطناعي – في عروض التسويق التقديمية وعمليات التوظيف وسلاسل التوريد ونصوص خدمة العملاء.
وإذا كان الموظفون يتخذون هذه القرارات، فإنهم يستحقون التدريب الذي كان يأتي مع منصب إداري.

 

إصلاح العملية، لا الشخص

اعتاد المدراء على التدرب على تحديد التوقعات، ومواءمة الأشخاص، وحل سوء الفهم. لا يزال رؤساء الوكلاء بحاجة إلى هذه المهارات، ولكنهم الآن يطبقونها على البشر والآلات على حد سواء. يصبح التواصل مهارة نظامية: واضحة، ومنظمة للذكاء الاصطناعي، وتعاونية للبشر. *ملاحظة: التركيز على تصميم العمليات يقلل من الأخطاء البشرية ويحسن الكفاءة.*

لم يعد الصراع مجرد صراع شخصي – بل هو صراع معماري.
من يملك المهمة؟
ما الذي يتم أتمتته؟
ما الذي يحتاج إلى لمسة إنسانية؟

مثال: لاحظ قائد فريق خدمة العملاء أن التذاكر تتسرب من بين الشقوق – ليس بسبب فشل شخص ما، ولكن لأن الوكلاء والبشر افترضوا أن الطرف الآخر قد قام بتغطيتها. الإصلاح ليس جلسة ملاحظات – بل هو إعادة تصميم لسير العمل. *كلمات مفتاحية: أتمتة سير العمل، تحسين خدمة العملاء، إدارة العمليات*.

 

عملية الإعداد الجديدة: تعليم القيادة من اليوم الأول

إذا كان كل موظف يدير الآن الذكاء الاصطناعي، فإن كل موظف يحتاج إلى تدريب على القيادة.

ولكن معظم المؤسسات ليست مهيأة لذلك.

ما زلنا نتعامل مع تطوير الإدارة على أنه إضافة اختيارية – ميزة ترقية تحصل عليها بمجرد أن تثبت نفسك كمساهم فردي.

هذه العقلية لم تعد مجدية.

لأنه في عصر الذكاء الاصطناعي، في اللحظة التي تجلس فيها على مكتبك، أنت لا تقوم بالعمل فحسب. أنت توجهه. وهذا يجعلك مسؤولاً عن الجودة والتأثير والمواءمة، حتى لو لم تكن قد أدرت شخصًا من قبل.

لذا فإن التدريب الذي كان مخصصًا للمديرين الجدد – كيفية التفويض، وكيفية التقييم، وكيفية التدخل عند حدوث خطأ ما، وكيفية التدريب على الغموض، وكيفية مواءمة القرارات مع الإستراتيجية – لا يمكن أن ينتظر بعد الآن.

يجب أن يكون جزءًا من عملية الإعداد.
جزءًا من مسارات التطوير الوظيفي للموظفين.
جزءًا من كيفية إعدادنا للمتدربين والموظفين الجدد وحتى الطلاب.

هذا ليس تحولًا في المهارات الشخصية. إنه تحول هيكلي.
وهو يدعو إلى اتباع نهج جديد لتنمية المواهب، وهو نهج يفترض أن كل موظف هو قائد للأنظمة، حتى لو لم يدر شخصًا من قبل.

 

مسار مهني جديد يبدأ بالذكاء القيادي

هذا التحول لا يتعلق فقط بالقدرة، بل يتعلق بالتوقعات.

سيتوقع من الموظفين قريبًا أن يمتلكوا أكثر من مجرد الخبرة الوظيفية؛ بل سيتوقع منهم إظهار القدرة على الحكم، وتحمل المسؤولية، والقدرة على توسيع نطاق مهاراتهم من خلال التكنولوجيا.

هذا ليس مجرد إنتاجية، ولا يتعلق فقط بإعادة صقل المهارات، بل يتعلق بإعادة تعريف القيادة في عالم أصبحت فيه التكنولوجيا جزءًا من الفريق، ويتوقع من كل موظف قيادتها. *بمعنى آخر، يجب على الموظفين امتلاك القدرة على توجيه التكنولوجيا لتحقيق أهداف العمل.*

إذا أردنا أن يزدهر الناس في هذا العالم الجديد من العمل، فنحن بحاجة إلى التوقف عن السؤال عما إذا كانوا مستعدين ليكونوا مدراء، بل نحتاج إلى البدء في إعدادهم ليكونوا قادة فاعلين أو “Agent Bosses” – قادة قادرين على توجيه فرقهم بفعالية في بيئة تعتمد على التكنولوجيا.

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.