فهم شامل لأنظمة القياس وأنماطها في التصوير الفوتوغرافي
للحصول على صور ذات إضاءة مثالية، فهم نظام قياس الإضاءة أمر ضروري!
في عالم التصوير، يعد فهم نظام قياس الإضاءة (Metering) أمرًا بالغ الأهمية، وكذلك معرفة دور كل وضع من أوضاع القياس. ذلك لأنه يساعدك على التحكم في تعريض الصورة – أو بعبارة أخرى، سطوع الصورة. عندما حصلت على أول كاميرا DSLR – وهي Nikon D5100 – كانت إحدى الإحباطات التي واجهتني هي أن بعض الصور كانت تظهر ساطعة جدًا أو مظلمة جدًا. لم أكن أعرف كيفية إصلاح ذلك، حتى تعلمت يومًا ما عن أوضاع قياس الإضاءة في الكاميرا. في هذا الفصل من أساسيات التصوير، سأشارككم ما أعرفه عن قياس الإضاءة في التصوير، وكيف يمكنكم استخدامه لالتقاط صور أفضل. *تعتبر معرفة كيفية عمل نظام قياس الإضاءة أساسية لتحقيق التوازن المثالي في الإضاءة.*
ما هو قياس التعريض في التصوير؟
قياس التعريض (Metering) هو الطريقة التي تقيّم بها الكاميرا إضاءة المشهد لتحديد سرعة الغالق أو فتحة العدسة أو حساسية ISO المناسبة. في الأيام الأولى للتصوير الفوتوغرافي، لم تكن الكاميرات مزودة بمقياس إضاءة مدمج، وهو عبارة عن مستشعر يقيس كمية وشدة الضوء. كان المصورون يستخدمون مقاييس الإضاءة المحمولة لتحديد التعريض الأمثل. وبسبب التصوير على الأفلام، لم يتمكنوا من معاينة النتائج فورًا، لذلك اعتمدوا بشكل كبير على مقاييس الإضاءة الخارجية.
اليوم، تحتوي كل كاميرا رقمية على مقياس إضاءة مدمج يقيس الضوء المنعكس تلقائيًا ويحدد التعريض الأمثل. أوضاع قياس التعريض الأكثر شيوعًا في الكاميرات الرقمية اليوم هي:
- القياس المصفوفي (Matrix Metering) (Nikon)، والمعروف أيضًا باسم القياس التقييمي (Evaluative Metering) (Canon)
- القياس المركزي المرجح (Center-weighted Metering)
- قياس البقعة (Spot Metering)
- القياس المرجح للإضاءة العالية (Highlight-weighted Metering)
تقدم بعض الكاميرات اختلافات إضافية في هذا النطاق، مثل طرازات Canon EOS التي تحتوي على “القياس الجزئي” (Partial Metering)، وهو مشابه لقياس البقعة، إلا أن المنطقة المغطاة أكبر (حوالي 8٪ من مساحة معين المنظر بالقرب من المركز مقابل 3.5٪ في قياس البقعة). غالبًا ما تحتوي الكاميرات الأخرى المزودة بأوضاع التعرف على الهدف، مثل كاميرات Sony، على قياس دقيق للهدف المرجح، والذي يحسب القياس بناءً على الهدف.
يمكنك رؤية مقياس الكاميرا أثناء العمل عند التصوير في الوضع اليدوي – انظر داخل معين المنظر وسترى أشرطة تتجه إلى اليسار أو اليمين، مع وجود صفر في المنتصف، كما هو موضح أدناه.
إذا وجهت الكاميرا إلى منطقة ساطعة جدًا، فستتجه الأشرطة إلى جانب “+”، مما يشير إلى وجود الكثير من الضوء لإعدادات التعريض الحالية. إذا وجهت الكاميرا إلى منطقة مظلمة جدًا، فستتجه الأشرطة إلى جانب “–”، مما يشير إلى عدم وجود ما يكفي من الضوء. ستحتاج بعد ذلك إلى زيادة أو تقليل سرعة الغالق للوصول إلى “0”، وهو التعريض الأمثل، وفقًا لمقياس الكاميرا.
مقياس الكاميرا ليس مفيدًا فقط للوضع اليدوي – عند اختيار وضع آخر مثل أولوية فتحة العدسة أو أولوية الغالق أو الوضع المبرمج، تضبط الكاميرا الإعدادات تلقائيًا بناءً على ما تقرأه من المقياس.
القياس المصفوفي / التقييمي (Matrix / Evaluative Metering)
يعتبر وضع القياس المصفوفي أو التقييمي (Matrix Metering or Evaluative Metering) هو الوضع الافتراضي للقياس في معظم الكاميرات الرقمية الحديثة. يعمل هذا الوضع عن طريق تقسيم الإطار بأكمله إلى “مناطق” متعددة، ثم تحليل كل منطقة على حدة لتحديد درجات الإضاءة الداكنة والفاتحة. قد تحاول أنظمة القياس المصفوفي/التقييمي الأكثر تطوراً فهم المشهد أمامك باستخدام خوارزميات التعلم الآلي (Machine Learning) وضبط التعريض وفقاً لذلك. *ملحوظة: هذا الوضع مثالي لمعظم ظروف التصوير، حيث يوفر توازناً جيداً في التعريض.*
أحد العوامل الرئيسية التي تؤثر في القياس المصفوفي (بالإضافة إلى اللون والمسافة والمواضيع والإضاءات، وما إلى ذلك) هو مكان ضبط نقطة تركيز الكاميرا. بعد قراءة المعلومات من جميع المناطق الفردية، ينظر نظام القياس إلى المكان الذي ركزت عليه داخل الإطار ويحدده على أنه أكثر أهمية من جميع المناطق الأخرى. *يعتبر تحديد نقطة التركيز أمرًا بالغ الأهمية للحصول على تعريض دقيق في هذا الوضع.*
يُفضل استخدام هذا الوضع في معظم أنواع التصوير الفوتوغرافي، لأنه عادةً ما يقوم بعمل جيد في تحديد التعريض الصحيح. شخصياً، أترك وضع قياس الكاميرا الخاص بي على القياس المصفوفي لتلبية معظم احتياجاتي في التصوير الفوتوغرافي، بما في ذلك تصوير المناظر الطبيعية والصور الشخصية. *يعتبر القياس المصفوفي خيارًا ممتازًا للمصورين الذين يبحثون عن وضع قياس متعدد الاستخدامات وموثوق.*
قياس التعريض الضوئي بمتوسط المركز
ليس من المرغوب فيه دائمًا استخدام الإطار بأكمله لتحديد التعريض الضوئي الصحيح. ماذا لو كنت تحاول التقاط صورة مقربة لشخص والشمس خلفه؟ هنا يأتي دور قياس التعريض الضوئي بمتوسط المركز. يقوم هذا النمط من القياس بتقييم الضوء في منتصف الإطار والمناطق المحيطة به ويتجاهل الزوايا. بالمقارنة مع قياس المصفوفة (Matrix Metering)، لا ينظر قياس التعريض الضوئي بمتوسط المركز إلى نقطة التركيز التي تحددها، بل يقيّم فقط المنطقة الوسطى من الصورة. *يعتبر هذا النمط مفيدًا بشكل خاص في ظروف الإضاءة المعقدة حيث يكون العنصر الرئيسي في وسط الإطار.*
استخدم هذا الوضع عندما تريد أن تعطي الكاميرا الأولوية لمنتصف الإطار، وهو أمر رائع للصور الشخصية المقربة والأهداف الكبيرة نسبيًا الموجودة في منتصف الإطار. على سبيل المثال، إذا كنت تلتقط صورة مقربة لشخص والشمس خلفه، فسوف يعرض هذا الوضع وجه الشخص بشكل صحيح، على الرغم من أن كل شيء آخر من المحتمل أن يتعرض للإفراط في التعريض بشكل كبير. *تذكر أن هذا النمط قد لا يكون مثاليًا للمشاهد ذات التباين العالي أو عندما يكون الهدف الرئيسي ليس في مركز الإطار.*
قياس الإضاءة النقطي (Spot Metering): دليل الخبراء
يعتمد قياس الإضاءة النقطي (Spot Metering) على تقييم الإضاءة حول نقطة التركيز فقط، متجاهلاً بقية المشهد. يقوم هذا الوضع بتقييم منطقة/خلية واحدة فقط وحساب التعريض بناءً على تلك المنطقة المحددة، دون الأخذ في الاعتبار أي عوامل أخرى. أستخدم هذا الوضع بكثرة في تصوير الطيور، لأن الطيور عادةً ما تشغل مساحة صغيرة من الإطار، وأحتاج إلى التأكد من تعريضها بشكل صحيح، سواء كانت الخلفية مشرقة أو مظلمة. يعتبر فهم هذه التقنية جزءًا أساسيًا من إتقان أساسيات التعريض.
بما أن الإضاءة تُقيَّم في المكان الذي أضع فيه نقطة التركيز، يمكنني الحصول على تعريض دقيق للطيور حتى لو كانت في زاوية الإطار. أيضاً، إذا كنت تلتقط صورة لشخص والشمس خلفه، ولكنه يشغل جزءاً صغيراً من الإطار، فمن الأفضل استخدام وضع قياس الإضاءة النقطي. عندما لا تشغل الأهداف مساحة كبيرة، فإن استخدام أوضاع قياس الإضاءة Matrix أو Center-weighted قد يؤدي إلى ظهور صورة ظلية (Silhouette)، إذا كان الهدف مضاءً من الخلف. قياس الإضاءة النقطي مثالي للأهداف المضاءة من الخلف.
مثال آخر جيد لاستخدام قياس الإضاءة النقطي هو عند تصوير القمر. نظراً لأن القمر يشغل جزءاً صغيراً من الإطار والسماء مظلمة تماماً من حوله، فمن الأفضل استخدام قياس الإضاءة النقطي – بهذه الطريقة، ننظر فقط إلى مستوى الإضاءة القادمة من القمر ولا شيء آخر. هذه التقنية مفيدة بشكل خاص في التصوير الفلكي.
باختصار، قياس الإضاءة النقطي (Spot Metering) مفيد عندما تريد أن يكون سطوع هدفك المحدد قيمة “متوسطة”. قد يؤدي إلى تعريضات خاطئة عند تصوير، على سبيل المثال، عروس بفستان أبيض أو عريس بسترة سوداء، لأنه سيحاول جعل الهدف الأبيض/الأسود رمادياً في كلتا الحالتين. في هذه الحالات، قد يكون من الضروري استخدام تعويض التعريض.
أولوية الإبراز (Highlight Priority): دليل الخبراء
تتميز العديد من الكاميرات أيضًا بوضع قياس “أولوية الإبراز” (Highlight Priority)، والذي يظهر برمز مشابه لوضع القياس النقطي (Spot Metering) ولكن مع وجود نجمة بجانبه. يعتبر فهم هذا الوضع بالغ الأهمية لتحقيق أفضل النتائج في ظروف الإضاءة الصعبة.
يعمل وضع قياس “أولوية الإبراز” (Highlight Priority) على حماية المناطق الساطعة (Highlights) في صورك بشكل فعال. يمكن أن يكون هذا مفيدًا جدًا إذا كان لديك بعض المناطق الأكثر سطوعًا بالقرب من هدفك والتي لا تريد تعريضها بشكل مفرط. غالبًا ما يستخدم المصورون المحترفون هذه التقنية للحفاظ على التفاصيل في السماء أو على الأسطح العاكسة.
من ناحية أخرى، قد يكون وضع “أولوية الإبراز” (Highlight Priority) مفرطًا في بعض المشاهد. إذا كانت هناك مناطق ساطعة ولكنها غير مهمة في الصورة، أو أجزاء ستقوم بقصها لاحقًا، فسيؤدي وضع “أولوية الإبراز” (Highlight Priority) بالتأكيد إلى تقليل تعريض الأجزاء المهمة من التكوين. يجب على المصور أن يقيّم المشهد بعناية لتحديد ما إذا كان هذا الوضع مناسبًا أم لا.
كيفية تغيير وضع قياس الإضاءة في الكاميرا
تتيح معظم الكاميرات تغيير أوضاع قياس الإضاءة إما عبر زر مخصص أو من خلال قائمة تصوير الصور. في كاميرات Nikon Z، يمكن العثور عليه في قائمة التصوير. أما في كاميرات Canon R، فيتطلب الأمر الضغط على الزر “Q” وتحديد رمز القياس على الشاشة. حتى إذا كانت الكاميرا لا تحتوي على زر مخصص للقياس، فغالبًا ما يمكنك تعيين القياس إلى زر مخصص.
لسوء الحظ، يختلف هذا ليس فقط من شركة مصنعة إلى أخرى، ولكن أيضًا من طراز إلى آخر. على سبيل المثال، في كاميرا Nikon D5500، يتم ذلك من خلال زر Info. في كاميرا Nikon D5، يوجد زر منفصل على القرص العلوي الأيسر، بينما في كاميرا Z9 يوجد في قائمة تصوير الصور، ولكن يمكن تعيينه أيضًا إلى زر.
كيفية تجاوز نظام قياس الإضاءة في الكاميرا (Metering Override)
تعمل أنظمة قياس الإضاءة في الكاميرات بشكل ممتاز عندما تكون الإضاءة في المشهد متساوية. ومع ذلك، يصبح الأمر صعبًا بالنسبة لمقاييس الإضاءة لتحديد التعريض الضوئي (Exposure) عندما تكون هناك أجسام بمستويات وشدة إضاءة مختلفة. على سبيل المثال، إذا كنت تلتقط صورة للسماء الزرقاء بدون غيوم أو شمس في الإطار، فسيتم تعريض الصورة بشكل صحيح، لأنه يوجد مستوى إضاءة واحد فقط. تصبح المهمة أصعب قليلاً إذا أضفت بعض الغيوم إلى الصورة – يحتاج المقياس الآن إلى تقييم سطوع الغيوم مقابل سطوع السماء ومحاولة تحديد التعريض الضوئي الأمثل. نتيجة لذلك، قد يختلط الأمر على نظام قياس الإضاءة في الكاميرا.
باختصار، يتيح لك تحديد وضع القياس الصحيح الاقتراب بسرعة من التعريض الضوئي الذي تريده. ومع ذلك، قد تجد أن القياس ليس دقيقًا تمامًا، خاصة بعد مراجعة اللقطات، أو بعد النظر إلى المدرج التكراري (Histogram) أو خطوط الزيبرا (Zebras) في الكاميرا.
في هذه الحالة، تحتوي جميع الكاميرات على وظيفة تسمى تعويض التعريض الضوئي (Exposure Compensation). الوصول إليه عادة ما يكون عن طريق الضغط على زر يشبه علامة ± أو تدوير قرص. تتيح لك العديد من الكاميرات في وضع الأولوية للفتحة (Aperture Priority) أو وضع الأولوية للغالق (Shutter Priority) تغيير تعويض التعريض الضوئي مباشرة عن طريق تدوير قرص مباشرة.
وبالتالي، إذا كان القياس يفرط في التعريض الضوئي (Overexposing) أكثر من اللازم لذوقك، فيمكنك خفض تعويض التعريض الضوئي. وبالمثل، إذا كان المشهد يبدو مظلماً للغاية، فيمكنك رفعه. بمعنى آخر، يجب أن تفكر في وضع القياس كنقطة انطلاق جيدة، وتعويض التعريض الضوئي (Exposure Compensation) هو الضبط الدقيق للاقتراب من النتيجة التي تريدها.